طرائف وأخطاء شائعة في الترجمة: عندما تضيع المعاني بين الثقافات

تعهد الترجمة جسرًا أساسيًّا للتواصل بين الشعوب، وأداة لا غنى عنها في عالم الأعمال والتجارة الدولية. لكن هذا الجسر، إن لم يُبنَ على أساس متين من الخبرة والفهم الثقافي العميق، قد يتحول إلى مصدر لمواقف طريفة في أفضل الأحوال، وكوارث تسويقية حقيقية في أسوئها! فالترجمة لا تتعلق بنقل الكلمات من لغة إلى أخرى فحسب، بل بنقل المعنى والإحساس والسياق الثقافي الكامل. في هذا المقال، نستعرض بعض الأخطاء والطرائف الشهيرة التي وقعت فيها كبرى الشركات، والتي تذكرنا دائمًا بأهمية الاعتماد على مترجم محترف.
١. فخ الترجمة الحرفية: عندما يعود الموتى من القبور!
من أكثر الأخطاء شيوعًا الوقوع في فخ الترجمة الحرفية، أي ترجمة كل كلمة على حدة دون النظر إلى المعنى الكلي للجملة من الأمثلة الشهيرة المتداولة الحملة الإعلانية لشركة بيبسي في الصين في الثمانينيات. كان شعارهم العالمي “Come Alive with the Pepsi Generation” ((انتعش مع جيل بيبسي). لكن عند ترجمة هذا الشعار حرفيًّا إلى اللغة الصينية، كانت النتيجة صادمة: “بيبسي يعيد أسلافك من القبور”!
بالطبع، لم يكن هذا هو الانتعاش الذي كانت تقصده الشركة، وتحول الشعار إلى طرفة يتداولها الناس، مما يوضح أن المعنى الاصطلاحي يصعب التقاطه بالترجمة الحرفية في بعض الأحيان.
٢. وقع الأسماء والأصوات: سيارات تتمنى لك الموت!
الترجمة لا تتوقف عند النصوص المكتوبة، بل تشمل وقع الأسماء والعلامات التجارية في لغات مختلفة. عندما دخلت مرسيدس-بنز السوق الصينية، كان نطق اسم “بنز” قريبًا من “بِنْسِي”، والذي يُحمل في إحدى ترجماته معنى “الاندفاع نحو الموت”، وهو آخر ما ترغب شركة سيارات فاخرة في أن يرتبط بمنتجاتها! سرعان ما غيَّرت الشركة الاسم إلى “بِنتشي”، والذي يحمل معنى إيجابيًّا أقرب إلى “الجري السريع وكأنك تطير”. هنا تظهر أهمية الاستشارات اللغوية والثقافية في حماية صورة العلامة التجارية عالميًّا.
٣. الرموز والألوان: حظ السعيد أم حداد؟
تمتد الفروقات الثقافية إلى ما هو أبعد من الكلمات، لتشمل الألوان والرموز والصور. على سبيل المثال، اللون الأبيض يرمز في الثقافات الغربية إلى النقاء وحفلات الزفاف، بينما يرمز في العديد من الثقافات الشرقية إلى الموت والحداد. تخيل إطلاق منتج جديد في بلد آسيوي باستخدام حملة إعلانية يطغى عليها اللون الأبيض! مثل هذه الأخطاء البصرية يمكن أن تكون مدمرة للعلامة التجارية. المترجم المحترف والخبير في ثقافة السوق المستهدفة لا يترجم النصوص فحسب، بل يقدم أيضًا إرشادات حول مدى ملاءمة الصور والألوان المستخدمة لتجنب إيصال رسائل خاطئة غير مقصودة.
الخلاصة: كيف نتجنب هذه الأخطاء؟
إن هذه الأمثلة الطريفة والمحرجة تذكرنا بحقيقة جوهرية: الترجمة الاحترافية هي استثمار وليست مجرد تكلفة. الأخطاء الناتجة عن الترجمة الحرفية أو الآلية يمكن أن تكلف الشركات سمعتها وملايين الدولارات. الحل يكمن في الاعتماد على مكتب ترجمة يضم فريقًا من المترجمين الناطقين بلغتهم الأم، والذين يعيشون ويتنفسون الثقافة التي يترجمون إليها. هؤلاء الخبراء لا ينقلون الكلمات، بل ينقلون المعنى والروح والقصد، ويضمنون أن رسالتك ستصل إلى جمهورك العالمي بالقوة نفسها والتأثير الذي أردته.

أضف أول تعليق


أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *